حمدى رسلان يكتب: هكذا تكون النتيجة عندما تتحرك الشعوب
عندما يزيد المستبدون فى ظلمهم ويتصورن أنهم الأقوى وأن شعوبهم ما هى إلا جثة هامدة لم ولن تتحرك، تكون النتيجة بركانا يفور عندما يفيض الكيل بالناس، وتنطلق شرارة الغضب بسرعةالنار فى الهشيم، وقتها لا يستطيع المستبد أو حاشيته الوقوف أمام شعب بأكمله، كل ما يستطيعون فعله هو الهروب فقط، وبأقصى سرعة ممكنة.
هكذا فعل الشعب التونسى، وأعطى مثالا للحكام والشعوب العرب على حدٍ سواء، أنه من المستحيل أن يدوم ظلم ظالم، أو يطول صمت مظلوم، أو أن تظل الشعوب جثث داخل توابيت لا تتحرك كما يظن حكامها.
بدأت الشرارة بحرق مواطن بسيط لنفسهِ نتيجة عدم العدالة الإجتماعية وتزايد الفروق الطبقية والفساد، وانتهت إلى تحقيق هدف نبيل وهو الحرية من الذين استبدوا الشعوب، وعشقوا المناصب، وتمسكوا بالكراسى لسنوات طويلة، وظنوا أنهم فيها مخلدون، حموا أنفسهم بأسوار وجنود وجيوش، ولكن عندما حان الوقت لم يحميهم شىء من غضب وسخط الناس عليهم، ليثبت هؤلاء للجميع أن الشعوب قوة لا يستهان بها، قوة كانت مهملة ومعطلة ومقيدة بذل لقمة العيش، فيضان لو فاض سيجرف الفساد والمفسدين فى طريقه، وسيطّهر البلد من الذين مصّوا دمائها ونهبوا خيراتها لسنوات وسنوات.
تونس بدأتها، والجزائر على الطريق، فهل يا حكام العرب من عاقل يتدبر الأمر ويدرس ويفهم مايدور، ويتدارك ما سيحدث له إن عاجلاً أو آجلاً، هل فيكم من استكفى من شهوة الحكم والتحكم فى مصير الناس وحماية إمبراطورية المفسدين والمزورين.
لقد طالت أعماركم، وقلت فطنتكم فى الحكم على الأمور والتعلم من الدروس والعبر، هل منكم من له أذن تسمع، وعين ترى الأشياء كما هى دون تقليل من شأنها أو تهوين.
ظننتم أن البلاد التى تحكمونها هى إرث لكم ولأبنائكم من بعدكم ولحاشيتكم، وتركتم للشعوب فتات من الخير الذى تتمتعون بهِ، شغلتم الشعوب بصغائر الأمور وأتفهها، حتى ينشغلوا عنكم، جعلتونا نحن شعوب العرب بعضنا لبعضٍ أعداء بدون سبب، وتركتم عدونا يتوغل ويتغلل ويدمر مصالحنا فى الخارج، ويزرع الفتنة فى الداخل دون تدخل منكم لحمايتنا.
ولكن قد تطول غيوم الظلم وسحابتهِ السوداء فى سماء البلاد، ولكن لابد أن تسطع شمس الحرية وتتحرر من القيود فى يومٍ من الأيام، ويتحرك الساكن ليصبح مارد من الصعب أن يقف أحد أمامهِ، وتعود كلمة وطن لمعناها الحقيقى، وطن للجميع، وليس وطن لفئة مستغلة ومستبدة، ومقبرة لباقى المواطنين البسطاء.