ولـــــكــــن يــبـــقـــى الأمــــل ....
كحديقةغـنـّـاء كانت قلوبنا
تكسوها أزهار الربيع .. بنقاءٍ كبياضِ الثلج
تجري بها جداولُ المياه .. فتبعثُ الحياةَ في أرجائها
وتحلِّق في سماءها فراشات ..
ترشفُ رحيق تلكَ الأزهار ..
وتُـضفي عليها جمالاً أخاذّاً
تعانقُ خيوطَ الشمس .. فتصنعُ سلسلةً متداخلةً منَ الألوان
وتُداعبُ قطراتِ الماء .. فتُــنهيَ سكونَه وركوده .
.
يحيطُ بها سور ,, لم يكن مجرد أشجار خضراء ..
بل كان البراءة والتفاؤل
حديقة لجمالها يرتادها الزوار ..
يجدون بها
الهدوء
النقاء
الجمال
الصفاء
تجودُ لهم بكل ماتملك ..
حتى أزهارها مصدر جمالها
يعتادونَ زيارتها ..
ويعتادونَ قطفَ أزهارِها ..
ولكن هذه المرة
دونَ اذنها ..
.
ولربما دخلوها وفي أيديهم أشواكٌ آلمتهم ..
فلا يتوانونَ في غرسها .. مكانَ الأزهارِ التي قطفوها لتوّهم ..
فـتتحول أزهار الربيع إلى أشواك ..
وتصبح تلك الحديقة لا تعرف من فصول السنة .. } إلا الخريف ..
فيقل حبهم لها ,,
ويقل تبعاً لذلك وفاءهم ..
يسأمونَ تلكَ الأشواك
التي غرسوها هُم لتوّهم ..
وبدونِ سابقِ إنذار ..
يذهبون ..
ويأخذونَ معهم ما يشاؤون من ذكراهم الطيبة ...
يجمعونَ كل ما كانَ لهم حولنا .
يجمعونَ كل شئ .
وينسونَ أن يجمعوا شتاتنا ...
يتركونَ لنا الأنينْ ..
يتركونَ كل ما من شأنهِ أن يُـنهيَ الأملَ في عودتِهم ..
يتركونَ رماحَهم مغروسةً في صدورِنا ..
علــّها تفتكُ بالأملِ قبل أن يستوطننا ,, ويستوطنها ..
.
يغيبون .. ويغيب معهم كل شئ
كل شئ
ابتساماتنا
آمالنا
ضحكاتنا
حتى ألوان حياتنا ..
تغيبُ معهم ..
تصبح حياتنا رمادية ..
قاتمة ..
مُـملة ..
لا طعمَ لها ولا لون ..
يسأمُ كل شئٍ حولنا البقاء فيها
حتى نحن
نسأمُ العيش دونهم
نشتاقلهم
نحن إليهم
ولكن لا نستطيعُ الوصولَ إليهم
تظلُّ أرواحنا معلقةً بهم
ذكراهم تُـؤنسُ وحشتنا
وطيفهم يُـسلـّي غربتنا
ومع مُـضيّ الوقت ..
و لأنهم يُـتقنون فنَ الاستقطاب ..
يبدأونَ باستقطاب كلُ مابقيَ لهم حولنا ..
يتبعهم كل شئٍ بقيَ منهم رويداً ,, رويدا ..
تغيبُ وعودهم ..
أصواتهم ..
كلماتهم ..
همساتهم ..
أطيافهم ..
أزهارهم ..
أشواكهم ..
حتى جراحهم قد تندمل
وقد نتناساهم
ونعتادُ غيابهم
ولكن ..
يبقى الألم ...
مؤلم
أن تدركَ أن كل مابقي منهم ..
مجرد ذكريات
مؤلم
أن تتمنى أن لو تُـرك الحكمُ على ماكان بينكم للأيام ..
لأنك تدرك تماماً أن الزمن سيكون أرأف بك منهم
.
مؤلم
أن يظل الشوق في قلبك متقداً ..
بينما تخبوو ناره في قلوبهم شيئاً فشيئاً إلى أن تنطفئ
.
مؤلم
أن تدمح لهم زللاً لا يُغتفر ..
فإذا هم يثورون لزللٍ لا يُذكر
مؤلم
أن يكونَ جرحُهم في فؤادِكَ بعمقِ حبكَ لهم ,,
الذي لا يُـدركُ حجمَه سواهم ..
فلا يعلمُ مدى جرحِك إلاّ هُم ..
مؤلم
أن تُـدركَ أن الوصولَ إليهم .. أصبح مستحيلاً
مؤلم
أن تنتظرَ منهم مداواة جرحِك ..
فإذا هم يسنـّـونَ رماحَهم وخناجرَهم ,,
يتأهبونَ لجرحٍ جديد
مؤلم
أن تأتيَ إلى مكانٍ اعتدتَ أن تلتقــيَـَهم فيه ..
فيـُـراودكَ الشكُّ في أنك لن تجدَهم
مؤلم
أن تتحدثَ إليهـِم ,,
ولكن لا يصلُهم صوتـُـك ..
فلا يُـجيبكَ سوى صدىً حزينٍ مكسور
.
.
فيبقى الألم .. ملازماً للقلم