سقوط مبارك من على محطة رمسيس
إزالة لافتة محطة مترو رمسيس والتى كانت تحمل اسم الرئيس السابق (محمد حسنى مبارك) فور الحكم من المحكمة بإزالة اسم مبارك وزوجته من جميع الميادين العامة والمصالح والمؤسسات الحكومية؛ لم
يكن فقط مجرد إزالة أو سقوط للافتة تحمل اسم شخص؛ ولكنها كناية ودلالة على تأكد سقوط نظام بأكمله؛ أغلبه الآن داخل السجن والباقى فى الطريق.
ويجب علينا أن نتعلم ونعى الدرس جيداً؛ أن الصمت الطويل والتفريط فى حقوقنا، يوّلد نظاماً ديكتاتورياً يتحكم فى مصالحنا ومصائرنا؛ ويجب أن يتعلم من يأتى لحكمنا فيما بعد؛ أن لا يضع له اسماً على منشأة حكومية؛ أو ميدان؛ أو مشروع قومى كبير، وليترك ذلك لتكريم الشعب له إذا أراد ذلك؛ لأن تلك المشروعات أقيمت بأموال الشعب والوطن؛ وليس من جيب رئيس الجمهورية الخاص؛ ولا هى منّة وهبة منه لنا؛ وإنما هو فقط صاحب القرار فى إنشاء هذا المشروع أو تلك البناية وفق المصلحة العامة.
وكذلك يجب أن يعاد النظر فى صورة رئيس مصر المعلقة فوق رأس كل مسئول فى مصلحة حكومية أو مؤسسة عامة؛ وكأن صورته أصبحت رمز مصر ودلالتها؛ ونسوا أن هناك علم يحمل الرمز والدلالة لوطننا العزيز.
فوجود صورة رئيس مصر أعلى رأس كل مسئول؛ تشعرنا بأن ولاء هذا المسئول لرئيس الدولة وليس للدولة؛ فبدلاً منها من الممكن أن تعلق سورة لآية قرآنية تذكر هذا المسئول بواجباته نحو المواطنين؛ وعدم إهمال طلب المواطن الواقف أمامه؛ وأن يراعى ضميره؛ وأن يؤدى عمله على أكمل وجه.
لا نريد أن نربط مصر باسم من يحكمها؛ فتصبح مصر فى فترة من الفترات (مصر جمال عبد الناصر) وفى فترة أخرى (مصر السادات) والفترة الأطول والأسوء (مصر مبارك) فاسم مصر أعظم وأجّل من أى شخص مهما كانت مكانته؛ ومهما أدى من خدمات لها.
فهذه الأفعال تولد النفاق نحو الحاكم؛ وتمجّد شخص ولا تمجد وطن؛ وتجعلنا نسير على خطوات مرحلية تنتهى بانتهاء عصر هذا الرجل الذى يحكمنا؛ لنضع نقطة ونبدأ من أول السطر.
ومادمنا نتبع هذ الأسلوب لن يكون هناك تقدم؛ وسيأتى القادم ليمحوا آثار من سبقه؛ وحتى على مستوى المسئولين الكبار والصغار؛ سيتبعون نفس الأسلوب؛ وبذلك ستكون خططنا كلها قصيرة المدى؛ لأن من يضع الخطة شخص؛ وعندما يرحل عن كرسى المسئولية يأتى من يتبعه ليضع خطة أخرى، وقبل أن يكملها يأتى آخر ويخطط من جديدة، ونصبح هكذا؛ نقف مكاننا ولا نتحرك للأمام.
الثورة الجادة والناجحة يجب أن يتبعها ثورة فى الأفكار؛ وزلزال فى الثوابت الإدارية العقيمة، التى لدينا وأولها (الروتين الممل فى كافة المصالح داخل الدولة) الذى يهرب بسببه المستثمرين إلى بلاد أسهل وأيسر فى الإجراءات.
دعوا صور وأسماء الرؤساء والمسئولين تعلق وتُكتب؛ ولكن فى كتب التاريخ؛ الذى سيشهد لهم أو عليهم؛ وسينصف بعضهم ويدين الآخر؛ لأن التاريخ هو ذاكرة الشعوب التى لا تخطأ؛ وهى المحكمة التى تصدر الأحكام على كل من توّلوا مقاليد هذا البلد على مر العصور؛ إما بالإدانة أو البراءة.