المظاهرات تتواصل رغم القمع والبرادعي مستعد لـ"قيادة مرحلة انتقالية"
لم يهدأ الشارع المصري كما كان يتمنى نظام الرئيس حسني مبارك، بل استمرت المظاهرات الاحتجاجية صباح الخميس لليوم الثالث على التوالي وزادت حدة في بعض المدن، أبرزها العريش والسويس. وهيمرشحة لأن تستمر وتدوم، خاصة بعد أن دعت "حركة 6 أبريل" (نيسان) الشبابية إلى مظاهرات تخرج من جميع مساجد مصر غدا عقب صلاة الجمعة.
ولجأ المصريون، مستلهمون من أحداث تونس التي أسقطت نظام زين العابدين بن علي، إلى الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، "فيس بوك" و"تويتر" على وجه الخصوص، للدعوة إلى مواصلة التعبئة الجماهيرية والحشد وتفادي الفشل. وكان موقع "تويتر" للرسائل النصية القصيرة قد أغلق في مصر منذ الثلاثاء وهو الوقت الذي اتسع فيه نطاق المظاهرات.
البرادعي مستعد لـ"قيادة مرحلة انتقالية"
كما أن عودة محمد البرادعي، الرئيس السابق لـ"الوكالة الدولية للطاقة الذرية" المعارض بقوة للرئيس مبارك، اليوم الخميس إلى القاهرة قادما من فيينا، من شأنها إعطاء الحركة دفعا قويا وربما زعامة تفتقد إليها (الحركة الاحتجاجية) حتى الآن. وصرح البرادعي في العاصمة النمساوية أنه مستعد لـ"قيادة مرحلة انتقالية" إذا طلب منه الشعب ذلك، فيما أكد شقيقه، علي، أن الأخير سيعود إلى مصر "خصيصا للمشاركة في مظاهرات الجمعة".
ولم تتردد قوات الأمن من استخدام العنف ضد المتظاهرين، باستعمال الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، وشن حملات اعتقال واسعة سعيا منها لإخماد حماسة الجماهير المصرية التي تطالب بتنحي مبارك، الذي يحكم البلاد منذ تشرين الأول/أكتوبر 1981 - غداة اغتيال سلفه أنور السادات في السادس من الشهر ذاته. ويطالب المصريون بدخول مصر عهد الديمقراطية الفعلية.
إحراق مركز للشرطة في مدينة السويس
في مدينة السويس الشرقية، على بعد 100 كيلومتر شرقي القاهرة، قال شاهد عيان أن محتجين أحرقوا مركزا للشرطة صباح الخميس احتجاجا على مقتل متظاهرين في وقت سابق. وقال شاهد لـ "رويترز" أن الشرطة فرت من المركز قبل أن يحرقه المتظاهرون باستخدام قنابل حارقة. وتجمع عشرات آخرون أمام مركز شرطة ثان في وقت لاحق مطالبين بالإفراج عن أقارب لهم احتجزوا خلال الاحتجاجات.
وقد قتل متظاهر وشرطي أمس الأربعاء في ثاني يوم من الاحتجاجات، التي تخللتها اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين في القاهرة والسويس، فيما أصيب 70 شخصا من بينهم 55 متظاهرا و15 شرطيا في اشتباكات عنيفة بمدينة السويس. وقتل متظاهر وشرطي خلال اشتباكات وقعت مساء الأربعاء بين المتظاهرين وقوات الأمن في حي بولاق أبو العلا بوسط العاصمة، بحسب ما أفادت مصادر في الإسعاف. وأوضحت نفس المصادر أن المتظاهر والشرطي قتلا بسبب تبادل الرشق بالحجارة وإطلاق القنابل المسيلة للدموع من قبل الشرطة.
البداية كانت من القاهرة
واعتقل أكثر من ألف شخص، بينهم العشرات من حركة "الإخوان المسلمين" المحظورة، في عدة محافظات غداة مظاهرات الثلاثاء. وكانت المظاهرات بدأت في القاهرة وكان المحتجون يهتفون أن "الشعب يريد إسقاط النظام" وتم اعتقال ثمانية صحفيين أمام مبنى نقابتهم من بينهم عضو مجلس النقابة محمد عبد القدوس.
وفي السويس، بدأت الاشتباكات كذلك عصرا بين قرابة ألفي متظاهر وقوات الأمن أمام مشرحة المدينة بسبب رفض قوات الأمن تسليم جثمان متظاهر توفي صباح الأربعاء وإصرارها على توقيع الكشف عليه من جانب الطب الشرعي، بحسب مراسل فرانس برس. وحاول المتظاهرون اقتحام المشرحة ولكن قوات الأمن منعتهم وفرضت حصارا أمنيا عليها.
وطاردت الشرطة المتظاهرين الذين انتقلوا الى وسط المدينة وبدأوا في مهاجمة قسم الشرطة بحي الأربعين بالحجارة والزجاجات الحارقة ثم هاجموا المبنى التابع للبلدية وأضرموا النار فيه. وأشعل المحتجون النار بعد ذلك في واجهات مقر الحزب الوطني الحاكم في السويس ثم اقتحموه وحطموا محتوياته.
وكانت وزارة الداخلية حذرت في بيان أصدرته في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء أنها "لن يسمح بأي تحرك إثاري أو تجمع احتجاجي أو تنظيم مسيرات أو مظاهرات".
البورصة في تراجع قياسي والمجتمع يدعو إلى "ضبط النفس"
وتراجعت البورصة المصرية وهبط مؤشرها الرئيسي بنسبة 6,14% عند الإقفال بينما انخفض سعر الجنية المصري إلى أدنى مستوى له منذ العام 2005 إذ بلغ سعر الدولار 5,836 جنيها.
إلى ذلك، أثارت المظاهرات ردود فعل عديدة، ودانت منظمة العفو الدولية "قمع المظاهرات" ودعت السلطات المصرية إلى "الامتناع عن الاستخدام المفرط للقوة" ضد المحتجين